الثلاثاء، 19 أبريل 2011

جهود الشيخ عبد الفتاح ابو غدة في خدمة السنة النبوية

بسم اله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله رب العالمين ، رضي لنا الإسلام دينا ، ومحمدا نبيا وهاديا ورسولا ، أرسله بالحق إلى الناس كافة يشيرا ، ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا على فترة من الرسل ، وانتشار للضلالة فصدع بأمر الله تعالى ، وبلغ الرسالة ، وادي الأمانة كما تلقاها ، وبين للناس مانزل إليهم ، وأوضح شرائع الله تعالى ، وادي فرائضه حتى كمل للناس دينهم ، وتمت عليهم النعمة ، ورضي لهم الإسلام دينا دائما ثابتا لاينطفئ نوره ولا تبيد معالمه ولا تندثر شرائعه حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
يجمعون العقل المستنير والعلم الغزير إلى القلب الحي ، والعاطفة الجياشة وسلامة الصدر ووضوح الرؤيا _ في عالم الإسلام _ قليل .
والذين يسخرون عقولهم وعلومهم وعواطفهم ومراكزهم لخدمة دينهم والذب عن إسلامهم اقل من اؤلئك بكثير .
إن هذا الصنف الرفيع من الأفذاذ نادر في دنيا الناس ، يمتن الله _ تعالى _ على الأمة به كلما اشتد بلاءها ن وطال ليلها ، وتآمر أعداؤها ، وعقها نفر من بينها .
ومن رحمة الله _ تعالى _ بهذه الأمة : انه لا يخلو جيل من وجود هؤلاء الربانيين ، يأتون على قدر ، فيجددون معالم الدين ، ويحيون رسومه وما أمات الناس من سننه .
وان فضيلة الشيخ الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة _ رحمه الله تعالى _ فيما نحسبه ولانزكي على الله أحدا علم بين هؤلاء العظماء الذين توالوا في تاريخ امتنا , وجمعوا صفات الخير والرجولة والعلم المستنير ، وكانوا كالزهرات المنفردة في الأرض السبخة .
لقد كان _ رحمه الله تعالى _ من العلماء العاملين , والدعاة الصادقين ، أصحاب العقول النيرة , والقلوب الحية ، والعاطفة الموَّارة , والبيان السديد ، الذين حرصوا على الوقت والجهد فلم يضيعوها في فرعيات الأمور وجزئياتها , لقد كان أبو غدة من محاسن هذا العصر وإفراده ونوادره علما وأخلاقا وتحقيقا وفضلا وصلاحا .
لقد كان من العلماء الأفذاذ الذين قلَّ أن يوجد مثلهم في تبحرهم في العلم ، وسعة الاطلاع ، ودقة التحقيق ، وجودة الفهم ، وكل ذلك مع الورع والتقوى والحرص على إتباع السنة والخلق الدمث الكريم .
وهذه دراسة متواضعة قمت بها استكمالا لمادة السنة في الدراسات المعاصر ، تحدثت عن جهود الشيخ عبد الفتاح ابي غدة رحمه الله تعالى في خدمة السنة النبوية ، ولا أقول أني قد استوعبت كل جهود الشيخ ، فالدراسة متواضعة نولا سيما أنها تصدر من أمثالي فمثل الشيخ أبي غدة يحتاج إلى علماء أفذاذ لكي يستخرجوا مكنونات ماعند الشيخ من علم كبير .
ولقد قسمت هذا البحث إلى ثلاثة مباحث على النحو الاتي :
المبحث الأول : ترجمة لحياة الشيخ رحمه الله ، ويضم ثلاثة مطالب .
المبحث الثاني : دراسة لبعض كتب الشيخ ، ويضم مطلبين .
المبحث الثالث ، منهج الشيخ في التاليف والتحقيق ، ويضم مطلبان .
بالإضافة الى مقدمة وخاتمة .
هذا وأسال الله أن يلهمنا الصواب والإخلاص في القول والعمل , فما كان فيه من خير وصواب فهو من توفيق الله تعالى, وما كان فيه من غير ذلك فمرده إلى نفسي الخاطئة المقصرة في الاجتهاد والعلم0







المبحث الأول :
المطلب الأول :

ترجمة الشيخ عبد الفتاح أبوغدة رحمه الله ( )
1335-1417 = 1917-1997
ولادته :

ولد الأستاذ الشيخ عبد الفتاح بن محمد بن بشير بن حسن أبوغدة - يرحمه الله تعالى- في مدينة حلب الشهباء شمالي سورية، في 17 رجب 1335هـ الموافق 9 مايو 1917 م في حي الجبيلة في بيت ستر ودين،.
وكان والده محمد - يرحمه الله - رجلاً مشهوراً بين معارفه بالتقوى والصلاح والمواظبة على الذكر وقراءة القرآن ، وكان يعمل في تجارة المنسوجات التي ورثها عن أبيه، حيث كان الجد بشير- يرحمه الله تعالى - من تجار المنسوجات في حلب، والقائمين على صناعتها بالطريقة القديمة ، وينتهي نسب الشيخ رحمه الله تعالى من جهة والده إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان لدى أسرة الشيخ شجرة تحفظ هذا النسب وتثبته أما اسم أبوغدة فهو حديث نسبيا ومن فروع العائلة فرعان يحملان اسم صباغ ومقصود.
وقد عمل الشيخ في حداثته بالنسيج مع والده وجده رحمهم الله ثم عمل أجيراً مع الحاج حسن صباغ في سوق العبي
- أي العباءات - وكان من زملائه الحاج عبد الرزاق قناعة أمد الله في عمره، ولا تزال الدكان التي عمل بها موجودة يعمل فيها آل أبو زيد أصهار الشيخ عبد الباسط أبو النصر رحمه الله تعالى .


طلبه العلم:
شعر جده أن الشيخ سيكون له شأن آخر ولمس ذكاءه وتطلعه لطلب العلم فألحق الشيخ بالمدرسة العربية الإسلامية في حلب، حيث درس فيها أربع سنوات ثم التحق من تلقاء نفسه سنة 1356 هـ = 1936م بالمدرسة الخسروية التي بناها خسرو باشا أحد ولاة حلب أيام الدولة العثمانية، والتي تعرف الآن باسم الثانوية الشرعية وتخرج منها سنة 1362 هـ = 1942م .
دراسته في الأزهر :
عند تخرجه من الثانوية الشرعية، رحل الشيخ في طلب العلم إلى مصر عام 1364هـ /1944 م للدراسة في الأزهر الشريف، فالتحق بكلية الشريعة ودرس فيها على يد نخبة من كبار علمائها في القترة ما بين 1364هـ 1368هـ / 1944م – 1948م ، ثم تابع دراسته فتخصص في علم نفس أصول التدريس في كلية اللغة العربية في الأزهر أيضاً وحاز على شهادتها سنة 1370هـ /1950م .
شخصيته :
ينطبق على الشيخ رحمه الله ما كتبه هو في إحدى تعليقاته الحافلة المغذِّية المحفِّزة على "رسالة المسترشدين" حيث يقول: "ورؤية الرجل الصالح القدوة إنما تذكِّر بالله، لما يُرى عليه من النور والإشراق، والأُنس والطمأنينة، والمحبة والسكينة، في سَمْته وهيئته وخَشْعته، في نُطقه وصمته وإطراقه وحركته وسكونه وكل شؤونه، فلا ينظره ناظر إلا كان نظرُهُ إليه مذكِّراً له بالله وكانت صورته موجِّهة له للإقبال على الله، أولئك الذين إذا رُؤُوا ذُكر الله". ( )
وكل من رأى الشيخ رحمه الله عليه يعرف أنه مَهيبُ الطلعة، ناهضُ القامة، منوَّر الوجه، كساه الشَّيْب إشراقاً ووقاراً، وانعكس اشتغاله بذكر الله وإجلاله وتعظيمه على وجهه صفاءً واستبشاراً، ولا أبالغ إذا قلت: إنه رحمه الله تُذكِّر بالله رؤيتُه ويَنْهض بجليسه حالُه ومقالُه.
كان الشيخ بكّاءً سريع الدمع قريباً من الله عزوجل في كل حال، رقيق القلب ، سريع الدمعة ، كثير العبرة ، يفيض دمعه عند قراءة القرآن ، وذكر الرحمن والدعاء، وقصص السلف والصالحين ، وفي المواقف الروحانية، أما عندما يمُدح ، فهو يجد نفسه دون ذلك، وعندما أطنب الحضور في مدحه في حفل تكريمه في إثنينية عبد المقصود خوجة فاضت منه العبرات ، وأجهش بالبكاء ، وكان طيلة الحفل كله ، ودموعه سوابل هواطل رحمه الله رحمة واسعة .
كان الشيخ عبد الفتاح أبوغدة بشخصيته القوية المتميزة، شخصية العالم المسلم العامل المجاهد، فهو واسع العلم، رحب الإطلاع، يعيش قضايا أمته وعصره، يضع هموم المسلمين نصب عينيه، مدركاً كل الأبعاد التي تحيط بهم وهو مع اتصافه بكل ما تقتضيه شخصيته العلمية، من رزانة وهيبة ووقار، حلو الحديث، رشيق العبارة، قريب إلى قلوب جلسائه، يأسرهم بحسن محاضرته، وطيب حديثه، وبُعد غوره، مع حضور بديهة، وحسن جواب، فلا غرو بعد ذلك أن تلتقي عليه القلوب ، وتتعلق به النفوس، وأن يكون موضوع الحب والتقدير والثقة لدى جميع من خالطه من إخوانه وأحبابه.
وهو إلى جانب ذلك كان بعيداً عن الغلو والانفعال، يزن الأمور بميزانها الشرعي الدقيق، وقد أخذ بذلك نفسه وتلامذته، ولا أدل على ذلك ، من أن يستشهد الإنسان بموقف الشيخ رحمه الله تعالى، من العالم الجليل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد كان الشيخ يدرس ويعلم في بيئة فيها كثير من التحفظ تجاه الإمام ابن تيمية، وإذا أضفنا إلى ذلك تتلمذ الشيخ على الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله، وكان هو الآخر شديد الازورار عن الإمام ابن تيمية، إلا أن كل هذا وذاك لم يمنعا الشيخ عبد الفتاح أن ينصف شيخ الإسلام، وأن يذكره في مجالس علمه في مدينة حلب في الخمسينيات والستينيات، بما هو أهل له، وأن يغرس في نفوس أجيال الشباب من الدعاة والعالمين حبه واحترامه، على أنه العالم المجاهد وأن يفعل الشيء نفسه بالنسبة لتلميذه الإمام ابن القيم رحمه الله غير عابئ بما يجره ذلك من مخالفة من الوسط العلمي، أو مخالفة شيخ له، يحبه ويجله ويرى في ابن تيمية ما لا يراه.وكان الشيخ في غاية الأدب مع شيوخه
وعلى الصعيد الشخصي كان الشيخ مثالا لا يجارى في الأخلاق والذوق والكياسة، تأثر به كل من احتك به، كان شفيقا يفضل التلميح على التصريح، متأسيا بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان شامة بين العلماء، ويحب للمسلم أن يكون شامة بين الناس اتباعا لهدي المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، وكان يحب اللباس المتوسط النظيف البعيد عن المغالاة، ويحرص على نظافة ملابسه وحذائه، لا يفارقه الطيب في كل أحيانه ، و من قرأ كتابه (من أدب الإسلام) أدرك الذوق الرفيع والخلق السامق الذي تمتع به رحمه الله .
نشاطه الدعوي في سورية :
منذ عودته إلى سورية من مصر، كان الشيخ إلى جانب عمله في التدريس، نشيطا في الدعوة إلى الله، فنال ثقة العامة والخاصة، واحترام أقرانه، لورعه وتقواه وعلمه ورجاحة عقله وحكمته، وتعلق الإخوان بدورهم بالشيخ رحمه الله تعالى ووثقوا به، فكان مرشداً وسنداً وموئلاً،. بل وكان بشخصيته المتميزة وسلوكه السامق مدرسة دعوية حية متحركة، تتلمذ عليه فيها ثلاثة أجيال أو أكثر من الدعاة العاملين، كلهم يفخر بأنه قد نال شرف الاغتراف من بحر فضيلته رحمه الله تعالى وأفسح له في جناته، وكانت دروس مادة التربية الدينية التي يدرسها من أحب الدروس للطلبة وموضع إقبالهم واهتمامهم، بعد أن كانوا يعرضون عن أمثالها.
وفي مسجد "الخسروية" حيث كان يجتمع أسبوعياً آلاف المصلين لحضور خطبة الجمعة، كان الشيخ يطرح على منبره قضايا الإسلام والمسلمين المعاصرة متصدياً للاستبداد، وللنزعات العلمانية، غير عابئ بما قد يناله من أذى، مرددا بجرأة العالم المسلم المجاهد قولة الصحابي الشهيد خباب بن الأرت:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
أما دروسه فقد كانت تغص بها المساجد ويحتشد لها المستمعون .
إلى جانب هذا الدروس كان للشيخ لقاءات دورية مع علماء حلب ومدرسي التربية الدينية فيها للتشاور فيما يهم المسلمين في المدينة وما يتعلق بالتعليم فيها، وهو في كل ذلك عمدة الميدان والمشار إليه بالبنان.
الشيخ عبد الفتاح خطيباً :

كان الشيخ رحمه الله حيياً صموتاً دائم الفكرة رطب اللسان بذكر الله عز وجل، فإذا خطب أو تحدث تدفق كصيّب مبارك يأتي بالغيث والبركة، تصيخ له الأسماع وتصغي لحديثه النفوس وتنفتح لكلامه الأفئدة، وكان رحمه الله لايشرّق ويغرّب في حديثه وخطبه بل يختار الموضوع المناسب للمقام والحضور، ولا يتعداه إلى سواه بل يكرر أفكاره بأوجه مختلفة حتى تثبت في أذهان السامعين وعقولهم، ويورد في حديثه شواهد القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأشعار العرب وأمثالهم ولمحات من حياة علماء المسلمين ورجالاتهم، دون اختصار مخل أو إطالة تمل، ما توقف إلا وسامعه يتمنى لو استمر في حديثه، وكل ذلك في كلام بليغ فصيح مسبوك مترابط لا خلل فيه ولا وهن، لا يعرف اللحن والخطأ إليه سبيلا.
وعند ما كان الشيخ يخطب الجمعة أسبوعياً في حلب كان يعد لخطبته إعداداً دقيقاً يستغرق منه الساعات، فيراجع مصادر موضوعها في كثير من الكتب كبيرها وصغيرها، ثم يقسمها إلى نقاط رئيسة يريد إيصالها للمصلين الذين كانوا يأتون إليه من أنحاء البلد وخارجها، وما كان الشيخ يستعين بمكتوب في خطبته و إن كان أحياناً ـ وبخاصة في بداية الأمر ـ يكتب الخطبة، ليستحضرها فيما بعد بوضوح ودقة وسلاسة وترتيب في عرض الأفكار.
أما محاضرات الشيخ العلمية فكان رحمه الله يقتلها بحثاً وتمحيصاً ولا يستثني من هذا الإعداد محاضراته النظامية على الطلبة في كليات الشريعة أو حلق الدرس، و يقول: إن المدرس عندما يلقي درسه على طلابه فإنما يعرض أفكاره على عشرات النقاد المولعين بتتبع الهفوات والأخطاء.

الشيخ في المجلس النيابي :
انتخب الشيخ سنة 1382هـ /1961م نائباً عن مدينة حلب، بأكثرية كبيرة، فنال بذلك ثقة مواطنيه، على الرغم من تألب الخصوم عليه من كل الاتجاهات، ومحاولاتهم المستميتة للحيلولة بينه وبين الوصول إلى مجلس النواب، وفي مجلس النواب السوري، قام الشيخ عبدالفتاح مع إخوانه بنصرة قضايا الإسلام والمسلمين في سورية، وقد أشار الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مذكراته لبعض مواقف الشيخ إزاء محاولات من جهات شتى لإغفال الإسلام دينا للدولة من الدستور السوري، وفي عام 1965 بعد عامين على حل المجلس النيابي ، غادر الشيخ سورية ليعمل مدرسا في كلية الشريعة بالرياض، ولما عاد إلى بلده في صيف 1386هـ /1966م أدخل السجن مع ثلة من رجال العلم والفكر والسياسة ، ومكث في سجن تدمر الصحراوي مدة أحد عشر شهرا، وبعد كارثة الخامس من يونيو/حزيران سنة 1967 م أفرجت الحكومة آنذاك عن جميع المعتقلين السياسيين، وكان الشيخ رحمه من بينهم.
كانت عضوية الشيخ في جماعة الإخوان المسلمين مبنية على قناعته بضرورة العمل الجماعي لنصرة الإسلام والمسلمين لا جريا وراء المناصب والمسميات، فقد كان التفرغ للعلم والتحقيق الرغبة الدائمة التي رافقته طوال حياته، ومع رغبة الشيخ الملحة في الانصراف بكليته إلى الجانبين العلمي والدعوي، فقد اضطر أكثر من مرة، أن يستجيب لرغبة إخوانه، فيتحمل معهم بعض المسؤوليات التنظيمية، فكان أن تولى – على غير رغبة منه أو سعي - منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية مرتين، ثم تخلى عنه في أقرب فرصة مناسبة متفرغاً للعلم والتأليف
حياته في السعودية :
بعد خروجه من السجن انتقل الشيخ ثانية إلى المملكة العربية السعودية، متعاقداً مع جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض حيث عمل مدرساً في كلية الشريعة ثم في المعهد العالي للقضاء الذي أسس حديثا، وأستاذاً لطلبة الدراسات
العليا، ومشرفاً على الرسائل العلمية العالية، فتخرج به الكثير من الأساتذة والعلماء، وقد شارك خلال هذه الفترة 1385 -1408/1965-1988 في وضع خطط جامعة الإمام محمد بن سعود ومناهجها، واختير عضواً في المجلس العلمي فيها، ولقي من إدارة الجامعة ومدرائها فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ، و الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي كل تكريم وتقدير، ولقي مثل ذلك من فضيلة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى الذي ترجم له الشيخ في كتابه "تراجم ستة من علماء العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر"، كما كان محل احترام و تقدير من وزير المعارف المرحوم حسن بن عبد الله آل الشيخ أشرف الشيخ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على رسائل عديدة لطلبة الماجستير والدكتوراه .

رحلاته العلمية :
قام الشيخ عبد الفتاح -تغمده الله برحمته- بالعديد من الرحلات العلمية والدعوية فقد رحل إلى عدد من الأقطار الإسلامية، مفيداً ومستفيدا، فإلى جانب إقامته في مصر، زار رحمه الله البلدان التالية مرتبة على الأحرف الأبجدية: الأردن، أفغانستان، أوزبكستان، ألمانيا، الإمارات العربية المتحدة، أمريكا، إندونيسيا، إيران، إيطاليا، الباكستان، البحرين، بروناي، بريطانيا، تركيا، تونس، الجزائر، جنوب أفريقيا، السودان، سويسرا، الصومال، العراق، الفاتيكان، فلسطين (قبل 1368هـ - 1948م )، فرنسا، قطر، الكويت، كندا، لبنان، ماليزيا، مصر، المغرب، الهند،هولندا، وكان حريصا في كل زياراته على زيارة المكتبات التي توجد بها المخطوطات العربية، وعلى لقاء العلماء والصلحاء فيها وطلاب العلم فيها، فأفاد منهم وأفادوا من .
عودته إلى سورية :
تلقى الشيخ في عام 1405هـ /1995م دعوة من الرئيس حافظ الأسد ليعود إلى سورية، حيث أعرب على لسان فضيلة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أنه يكن احتراما كبيرا للشيخ وعلمه ويرغب أن يكون بين أهله وفي بلده، و مبديا رغبته في الالتقاء بالشيخ.
وقد استجاب الشيخ لهذه المبادرة الطيبة آملا أن تكون بداية لرأب الصدع الذي حصل في سورية في عقد الثمانينيات فعاد إلى سورية مؤملاً تقريب وجهات النظر وتخفيف المعاناة التي أدت إليها أحداث مؤسفة سابقة أواخر حياته، ولم يقدر أن يلتقي الرئيس بالشيخ الذي كان موضع حفاوة رسمية ممن التقى به من المسئولين، وأتاحت له عودته إلى سورية بعد غياب دام سبعة عشر عاما أن يرى بلده قبل وفاته، وينعم بفيض الحب الغامر من محبيه وعارفي فضله الذين تقاطروا للسلام عليه فور وصوله إلى بيت الأستاذ أمين يكن (أبي عابد) رحمه الله، ثم إلى منزل الشيخ والمسجد الذي يصلي فيه، حيث كان الشيخ يصلي الصلوات في جامع الروضة، ويصلي الجمعة في مسجد الرحمة بحي حلب الجديدة، فكان المصلون يهرعون إليه حيثما كان في مشاهد تزدان بالوفاء النادر والمحبة العامرة في القلوب.


مرضه ووفاته :
وفي شهر شعبان 1417هـ، ديسمبر 1996م شعر الشيخ بضعفٍ آخر في نظره، فعاد من حلب إلى الرياض ليتلقَّى علاجًا آخر لم يكن ناجعًا، ونتج منه صداع شديد لازم الشيخ طيلة أيامه الباقية، ثم اشتكى الشيخ في أواخر رمضان من ألم في البطن أُدخل على إثره مستشفى الملك فيصل التخصصي، وتبيَّن أنه ناتج من نزيف داخلي بسبب مرض التهابي، وما لبث أن التحق بالرفيق الأعلى فجر يوم الأحد 9 من شوال 1417هـ، الموافق 16 من فبراير 1997م، عن عمر تناهز الثمانين عامًا رحمه الله رحمة واسعة.
طبت حياً وميتاً يا أبا زاهد وجزاك الله عنا وعن المسلمين خير ما يجزي به الله عالماً مجاهداً متقناً مخلصاً عن الإسلام وعن أهله وأبناء أمته .
المطلب الثاني :
الشيخ عيد الفتاح أبو غدة بأقلام مادحيه :
يقول الشيخ مصطفى الزرق رحمه الله : "واشهد أني – طوال هذا العهد المديد الذي عرفته فيه – أي الشيخ عبد الفتاح ، لم أجد عليه مأخذا يؤخذ في تقواه وورعه وسلوكه وأدبه وعلمه ..... "

ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله : " بقية السلف الصالح ، وعمدة المحدثين في هذا العصر ، العلامة المحدث الفقيه الأصولي المحقق الداعية التقي الصالح فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ."

الشيخ الداعية سعيد حوى رحمه الله تعالى يقول :" ولم ار بين علماء المسلمين ممن رأيت وقابلت من ينطبق عليه قول الله تعالى: } وإذا تتلى عليهم آياتنا خرُّووا سجَّداً وبكيا ً { سورة : مريم: 58 .الاشيخنا محمد الحامد وشيخنا عبد الفتاح أبو غدة "

وأيضا يقول الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان : " يعترف كل من قرأ لفضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة انه من ارفع علماء عصره تأليفا ، واصفاهم فكرا ، وأقوهم منهجا , وأسدهم منطقا وتعبيرا ،وأسلمهم عقيدة وأكثرهم تواضعا ووفاء لمشايخه . "

الشيخ محمد بن حمد عوامة يقول : " إن شيخنا وعمدتنا العلامة الرُّحلة , أبا المواهب مربي الأجيال أستاذ الاساتدة، فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، هو احد دعائم العلم في عصرنا ، وممن يرحل اليه للقائه ، والمثول بن يديه ، والاستفادة من أدبه وهدبه وسمته ودله . "

وفي مقال رائع ممتع كتبه الدكتور سلمان العودة مبرزا فيه صفات وعلم وأخلاق الشيخ أبو غدة ومدافعا ومنافحا عنه من السنة متهميه حيث قال " عبد الفتاح أبو غدة ذو اللحية البيضاء الكثة ، والابتسامة الصافية , وهدوء الصوت , واطراد النبرة في الحديث ، مع الوقوف على نهايات الكلمات بالحركة دون تسكين , كان هو أستاذ علوم الحديث أو مايسمى بالمصطلح ,.ثم انشد بعدها أبيات من الشعر قال في مطلعها :
إيه أبا زاهد ياقمة شمخت .
بالعلم والفضل اكنزا لمكتسب .







المطلب الثالث :
ما قيل في الشيخ :
ولكن وللأسف نجد أصواتا من هنا وهناك ممن أغمضوا أعينهم عن الحق ، وممن يرون القذاة في أعين غيرهم ولا يرون الجذع في عيونهم ، نجد هولاء يكيلون الاتهامات لهذا الشيخ العالم الجليل ويصفونه بأوصاف لا تليق بمكانته العلمية وما قدم من خدمة للسنة المطهر ة والدعوة إلى الله ، هذه الأوصاف ُيستحى أن يوصف بها أي مسلم فضلا عن كونه من كبار علماء هذا العصر .
أصبح مذهب أبي حنيفة - الذي كان مذهب الشيخ - سبة , الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة , وهل جلَ علماء هذه الأمة إلا أشاعرة .، وآخر يقول انه مداهن لأهل البدع وانه قبوري , وآخر يقول انه متعالم , سب وشتم وإلقاء للتهم جزافا .
الشيخ الألباني رحمه الله وغفر الله له يفرد مقدمة كاملة لكتاب العقيدة الطحاوية للسب والشتم وإلقاء التهم للشيخ أبي غدة رحمه الله لماذا ؟ لأنه خالفه في بعض المسائل وانتقده لبعض أقواله ، إلا أن الشيخ الألباني شن عليه حملة شعواء , ورماه بأنه عدو لعقيدة أهل السنة والجماعة وانه من متعصبة الحنفية وانه جاهل متجاهل إلى غير ذلك من الأوصاف التي لا تليق .
نعم الاختلاف بين العلماء موجود ، فقد اختلف كثير من العلماء في كثير من المسائل وخاصة الأقران منهم ولكن لم يصل الأمر أن يكيلوا إلى بعض التهم والسب والشتم ، إنما هي المودة والمحبة والنصح والدعاء , لكن أن تفرد الكتب العلمية لمثل هذه الأغراض فهذا أمر غير مقبول .
وهذا بكر أبو زيد أيضا يتكلم بسخرية واستهزاء عن مؤلفات الشيخ وتحقيقاته ويصف الشيخ بالحماقة والقبورية وغيرها من الأوصاف التي يستحي الإنسان ان يذكرها لشخص من عامة الأمة .
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك من تحريف ودس في كتاب " التصوف بين الحق والباطل " لمؤلفه الأستاذ محمد فهر الشٌقفة ، فقد قاموا بطباعته بدمشق قي 240صفحة ودسوا فيه وزادوا مالم يكتبه المؤلف وكان ذلك كلاما حول الشيخ وبعض علماء الأمة أمثال الشيخ أبو الحسن الندوي ، وطبعا المؤلف لا يعلم شيئا من ذلك ولا يرضى به ، وقاموا بتوزيع هذا الكتاب في المملكة العربية السعودية على كثير من كبار العلماء , وعلى بعض طلبة العلم ليحققوا به قصدهم السيئ للشيخ رحمه الله تعالى ، لكن المؤلف عندما علم بذلك بعث للشيخ أبي غدة أن هذا الكلام ليس من كلامه وإنما هو تحريف وتزوير ، واخبر الشيخ في رسالته انه يكن إليه كل احترام وتقدير ، ويستنكر ما فعلوه من تزوير عليه ، وقد هددهم بتقديمهم للقضاء مالم يثبتوا على كل نسخة مما تبقى لديهم من نسخ الكتاب عبارة تدل على أن الزيادات التي أوردوها في الكتاب هي ليس من مؤلف الكتاب ، وقد اعترفوا بذلك وأذعنوا لطلب المؤلف .

أما عن الشيخ أبي غدة رحمه الله فقد كان مثالا يحتذي به في صبره وعدم الرد بالمثل على هذه التشويهات حيث قال : " ولي أسوة حسنة - فيما نالني منهم من الأذى والبهتان والدس والافتراء والثارة والاستعداء - بالإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ، بما رمي به من الكفر ، والردة وهدم الإسلام والتلاعب بالدين "














المبحث الثاني :من كتب الشيخ :

المطلب الأول :
يعتبر الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله تعالى – من المجدين في علم الحديث ومصطلحه, فقد خدم علوم السنة ومصطلح الحديث خدمة عظيمة لا يقدر عليها إلا أفذاذ العلماء الذين خصهم الله تعالى ببسطة في العلم ونور في القلب , فألف – رحمه الله – وحقق عدد من الكتب الهامة , ومؤلفاته المميزة,وهذا يدل على الباع الطويل , والنفس العميق والعلم الغزير الذي يمتاز به الشيخ ,
فأخرج هذه الكتب المليئة بالدرر النفسية , والعلوم الوافرة , والتي لم تكن لتفسير لغيره من جهابذة العلماء.
فكانت كتبه كلها تتميز بالجودة والإتقان , والإفادات النادرة , مع التحقيق والضبط لمشكل ألفاظها وتفسير دقيق للمعاني .
لقد كان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى دائرة معارف في علوم كثيرة ، ومع هذا التوسع العلمي اتصف بأنه من المحققين ، فأصبح رحمه الله علما من أعلام الدين الذين يقلُّ وجودهم في العصور المختلفة ، ومن هذه العلوم التي أبدع فيها وأجاد وأفاد الأمة الإسلامية عنايته بالحديث وبخاصة الأسانيد .
قدم للمكتبة الإسلامية أعمالا جليلة لها قيمتها الكبيرة في الموازين العلمية الرفيعة والتي خدمت السنة النبوية أيما خدمة .
إن مما يحسب في جهوده العلمية في خدمة السنة المطهرة ، الكتب الكثيرة التي حققها واعتنى بإخراجها وان المقدمات التي قدم بها تلك الكتب تعد دراسة علمية جادة مهمة في موضوعها ،تحتوي ضمن ماتحتوي عليه على موازنة ومقارنة مع المؤلفات الأخرى في مجالها ، تبين مزاياها ودرجتها العلمية بين كتب الفن الأخرى .
إن ثلثي مؤلفات السيخ رحمه الله التي اربت على السبعين بين تأليف وتحقيق ،او تقديم واعتناء كلها تصب في مجال خدمة السنة النبوية الشريف.
وفي هذا البحث سأذكر- إن شاء الله – نبذة بسيطة عن بعض كتبه المحققة والمؤلفة والتي تخص السنة وعلومها :

المطلب الثاني :
دراسة مبسطة لبعض كتبه:

1) (( الرفع والتكميل في الجرح والتعديل )) للإمام عبد الحي اللكنوي الهندي , وهو من الكتب الهامة , وقد أدى مؤلفه خدمة عظيمة لدارسي الحديث الشريف ورجاله , وبخاصة معرفة قواعد الجرح والتعديل , ولقد كانت عناية الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله في هذا الكتاب عناية فائقة , حيث إن أصل هذا الكتاب 20 صفحة , فصار الكتاب في أخر طبعاته 514 صفحة, أضاف فيه الشيخ فوائد كثيرة في هذا العلم .

2) (( الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة )) للإمام اللكنوي أيضا، وهو كتاب نفيس , كان الشيخ اللكنوي قد أجاب عن سؤال قد طرحه عليه احد علماء الهند(محمد حسين رحيم الخنس) , فأجاب عنها الشيخ اللكنوي بما شفى وكفى وزاد وعلى الغاية.
ولقد اعتنى الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في هذا الكتاب أيما عناية , فزاد عليه من الفوائد والتعليقات , والمسائل المهمة , وإضافات نافعة , مم جعله سفرا يغني الدارس عن غيره , وسماه الشيخ (( التعليقات الحافلة على الأجوبة الفاضلة )).


3) (( التصريح بما تواتر في نزول المسيح )) للشيخ محمد أنوار شاه الكشميري – رحمه الله تعالى - ولقد اعتنى الشيخ بهذا الكتاب , وخدمه خدمةً وافيةً , وخرَّج أحاديثه وأثاره , ولقد أدى هذا الكتاب خدمة جلَّى في تحليله هذا الموضوع الذي كان يذكره طائفة من كبار العلماء , وخرج الكتاب نافعا للخواص والعوام ومصححا لأفكار الواهمين والمنكرين , وخرج الكتاب في طبعته الأخيرة 373 صفحة, حين كان قبل التحقيق 20 صفحة .

4) (( المنار المنيف في الصحيح والضعيف )) للإمام شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى –
وقد أحسن شيخنا جداً في خدمة هذا الكتاب وإخراجه , لأنه كتاب أراد مؤلفه حياطة السنة المطهرة من دخول الحديث الموضوع وأكاذيب القصاص والوعَّاض , والمتزمتين بنشر الخرافات والأباطيل.
حقق هذا الكتاب الفريد الذي تميز عن الكتب المؤلفة في الموضوعات بذكر قواعد وضوابط ترشد العالم إلى معرفة الحديث الموضوع والخبر المكذوب والأساطير المفتعلة , فإخراج هذا الكتاب وإحياؤه بالخدمة والعناية الفائقة يساعد على تنقية الثقافة الإسلامية من الشوائب والخرافات التي علقت بأذهان كثير من الناس .

5) ((المصنوع في معرفة الحديث الموضوع )) للشيخ علي القاري الهروي – رحمه الله تعالى –
وقد تولى شيخنا تحقيق أحاديثه وبيان درجتها , وذكر ما يعنى من الحديث الصحيح عن الحديث الموضوع منها , وقدم له تحقيقات واسعة حافلة بلغت 42 صفحة قرر فيها ضوابط وقواعد كانت سائبة غائمة , وأسسها على منطق صحيح ومعنى واضح
وقد رتبه الشيخ – رحمه الله – في تعليقاته على اغاليط و أوهام وقعت لبعض العلماء من الاعتماد في تصحيح الأحاديث على الكشف الذي يقول به بعض الصوفية, وهو بهرج من القول مخالف لما أسس عليه هذا الدين و الشرع المبين .

6) (( فقه أهل الرأي وحديثهم )) للشيخ محمد زاهد الكوثري – رحمه الله تعالى – شيخ ابي غدة – رحمه الله –.
وهو كتاب لم يصنف في موضوعه قبله , وقد وضَّح وبيَّن منزلة فقهاء العراق من العصر الأول إلى الأزمان المتأخرة القريبة , كما بين شأن الفقهاء الأحناف واتساع علمهم في الفقه وفي الحديث الشريف وعلومه , وقد جعله الشيخ الكوثري مقدمة لكتاب ( نصب الراية ) للإمام الزيلغي – رحمه الله – ولما رأى شيخنا – رحمه الله – أهمية هذه المقدمة افردها في جزء في 107 صفحة , وقد أضاف إليه- رحمه الله – زيادات مهمة صدرت في مقدمة الطبعة الجديدة لكتاب (نصب الراية ).

7) (( مسألة خلق القران وأثرها في صفوف الرواة المحدثين وكتب الجرح والتعديل )) للشيخ عبد الفتاح أبو غدة –رحمه الله تعالى –
وهو جديد في بابه بحث فيه مسألة خلق القران ونشأـتها وتطورها , ثم بحث بإسهاب وإطناب أثر هذه المسألة على الرواة والمحدثين وكتب الجرح والتعديل , وقد طبعها في جزء لطيف ثم أدرجها في تعليقاته على كتاب ((قواعد في علوم الحديث)) ثم أضاف إليها إضافات كثيرة أيضا ذات أهمية وفائدة لأهل العلم وغيرهم .

8) (( خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال )) للحافظ المزى اليمني ،وهذا الكتاب من أفضل الكتب المختصرة في معرفة الرجال كما شرح ذلك شيخنا في مقدمةٍ له البالغة 40 صفحة , وبين مزاياه على مزايا (التقريب) لابن حجر, سوى ذكر الحكم على الراوي بتعيين حاله ضعفا وقوة.
وكان هذا الكتاب مجهولا تاريخ مؤلفه وتاريخ محشِّيه, فاهتدى الشيخ ابو غدة بتنقيبه الدائب إلى ترجمة المؤلف بالإجمال , وتعيين بلده , والى ترجمة محشِّيه , والمعلق عليه باستيفاء , وترجم لها في مقدمته للكتاب , وأتحف القراء بتصحيح أغلاط وتحريفات كثيرة وقعت في طبعة الكتاب البولاقية , فذكر صفحات طوالا في معانيها وكشف تحريفها دون قصد استيعابها .

9) (( قواعد في علوم الحديث )) لشيخ شيخنا الشيخ ظفر احمد التهانوي –رحمه الله تعالى – وهو مقدمة لكتابه ( أعلام السنن ) وقد قام شيخنا – رحمه الله - بتحقيق هذا الكتاب و جمَّله بالتعليقات النافعة المفيدة والمكمِّلة لأصله , فأصبح مرجعا للعلماء ولطلبة العلم , جاء الكتاب بعد طبعه بتحقيق الشيخ –رحمه الله – وتعليقاته النادرة في 553 صفحة .

10) (( قاعدة في الجرح والتعديل وقاعدة في المؤرخين )) للحافظ تاج الدين السّبكي –رحمه الله – وهو كتاب شرح فيه شروط الجرح والتعديل وما يقبل منها وما لا يقبل مع التمحيص لكل شرط وأساس في هذين العلمين وقد قام الشيخ –رحمه الله – بتحقيق هاتين الرسالتين , وعلق عليها بإفاضة .

11) (( ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل )) وهي رسالة من تأليف الحافظ الذهبي , والتي تميزت بالجد والمتانة والاستيفاء , ولقد اعتنى شيخنا بها وضبط الأسماء والألقاب والكنى فيها حتى استكملت كمالها وإفادتها بسهولة ويسر لكل حديثي وعالم .

12) (( المتكلمون في الرجال )) للحافظ السخاوي , اقتصر فيها على أشهر علماء الجرح والتعديل في صدر الإسلام إلى عصره فبلغوا نحو 210 , ولقد كان عمل الشيخ أبي غدة –رحمه الله – أن ترجم لهؤلاء العلماء بتراجم متوسطة عرفت بهم وبآثارهم الحديثية .
ولقد جمع الشيخ كل من ( قاعدة في الجرح والتعديل , وقاعدة في المؤرخين , وذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل , والمتكلمون في الرجال )) في كتاب سماه "أربع رسائل في علوم الحديث ".

13) (( الموقظة في علم مصطلح الحديث )) للحافظ الذهبي – رحمه الله – حققه الشيخ من مخطوطتين , وعلق عليه وضبطه وأوفاه حقه, والحق بآخره خمس تتمات تتصل بمباحثه وجاء فيها بالفريد المفيد وبخاصة بما يتعلق بكتاب صحيح مسلم وشرط الإمام مسلم فيه ، ورده على من خالفه في شرطه ، وبيان اسمه واثر هذا الاختلاف ,وبان وجاهة مذهب مسلم وبخاصة أيضا مسألة أهل البدع والأهواء , وخرج الكتاب لأبها حلة مع فهارسه 220 صفحة .

14) (( لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث )) وهو كتاب للشيخ عبد الفتاح أبو غدة –رحمه الله –
وهذا الكتاب حدى مباحث من علوم الحديث في تاريخ بدء وضع الحديث وأسبابه ونتائجه وكيف عالجه العلماء المحدثون , ونبَّه الشيخ إلى مابذلوه في مقاومته من جهود عجيبة , فأحاطوا السنة المطهرة بسياج المناعة من أن يدخل عليها دخيل , أو يعمل فيها بحديث مختلف مكذوب , ونبه إلى سقطات وتحريفات بالغة وقعت لبعض العلماء , كانت أخر طبعة للكتاب قد احتوت على 314 صفحة بعد الزيادة والتحقيق .

15) (( سنن النسائي )) وهو احد الكتب الستة المعتمدة لدى العلماء المحدثين وغيرهم في الرجوع إليها والاعتماد عليها , وقد قام شيخنا بفهرسة هذا الكتاب الجليل والمرجع العظيم , فدرس الكتاب في أجزائه الثمانية ووضع له فهرسا شاملا عاما كاملا , وادخل هذا الكتاب في (( العجم المفهرس لألفاظ الحديث )) ووضعه أيضا في (( مفتاح السنن )) لمحمد فؤاد عبد الباقي وكتاب (( تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف )) للحافظ المزي .
فصنع له ترقيما لأحاديثه وأثاره وكتبه وأبوابه ورواتها , فجاء من ذلك تسعة أنواع من الفهرسة , كما صنع فهرسا شاملا للأبواب كتب كل جزء بآخره وبلغت صفحات هذا الفهرس مجلدا 364 صفحة.
ووضع مجلد الفهارس مع أجزاء الكتاب الثمانية , فصار كشف الحديث أو الأثر أو الراوي أو مروياته سهلا على الباحث.

16) (( أمراء المؤمنين في الحديث )) وهو بعلم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة جمع فيه أسماء من لقبوا أمير المؤمنين في الحديث , من أول القرن الثاني إلى ما بعد القرن العاشر , فبلغوا 26 عالما وذكر فيه أيضا أمراء المؤمنين في الفقه واللغة العربية , فكان تحفة فريدة جدا في موضوعها وأطرافها .

17) (( صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين )) وهز كتاب أيضا للشيخ عبد الفتاح أبو غدة –رحمه الله –
ودرس فيه نموذجا من السماعات الحديثية للحافظ ابن الصلاح واستوعب فيه كل ما يتصل بهذا الموضوع , مع التراجم و الفهارس , وهو صفحة مشرقة , بل كتاب يعرف الخلف بعناية السلف في نقل الكلمة العلمية وحفظها وضوابطها وحياتها من التحريف والتصنيف .

18) (( الإسناد من الدين )) للشيخ عبد الفتاح أبو غدة –رحمه الله تعالى –
بيّن فيه الشيخ فضل الإسناد و اهتمام العلماء به في تلقي الحديث الشريف وغيره من العلوم , ونبه فيه إلى مباحث هامة متصلة بهذا الموضوع .

19) (( السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي والتعريف بحال سنن الدارقطني )) وهي رسالة للشيخ أبي غدة في نحو 50 صفحة , فريدة في موضوعها , نبَّه فيها إلى أخطاء سارية في فهم لفظ السنة الوارد في الأحاديث والآثار , وقع فيها لبعض العلماء , كما عرف فيها بحال (( سنن الدار قطني )) وبيَّن المفارقات بينها والسنن الأربعة )).

20 ) (( تحقيق اسمي الصحيحين واسم جامع الترمذي )) أيضا للشيخ عبد الفتاح أبو غدة وهو موضوع له أهمية بالغة في تشخيص هذه الكتب العظيمة والمصادر المبعثرة في رواية الحديث ,ويكشف الكتاب عن بُنى هذه الكتب ما أسست عليه في تدوينها وتأليفها ومقاصدها ويدفع عنها أوهاما تسربت إلى بعض العلماء بسبب الغفلة عن أسمائها الكاملة الدقيقة وما اشتملت عليه , وقد تناول الشيخ هذه الكتب لما آل اليه الكثير من أهل العلم في عدم ذكر أسماءها الكاملة ولما يحتويه اسم هذه كاملا من مناج للمؤلف في طريقة تأليفه للكتاب,ويعد هذا الكتاب مثالا حيا من أمثلة الشيخ –رحمه الله تعالى – في التحقيق والتنقيح والتأليف .

21) ((كشف الالتباس عما أورده الإمام البخاري على بعض الناس)) للعلامة الميداني , وفيه مناقشة لمسائل الفقهية التي عرض فيها لإمام البخاري بالإمام صنفه , والإجابة عنها ببيان شاف كاف .

22) (( شروط الأئمة الخمسة )) للحافظ الحازمي , وموقع هذا الكتاب عند المحدثين مرموق جدا ، لما عرف به الحافظ الحازمي من الدقة والاتقان العالي والإتقان العالي والإفادات النفيسة , وهو من المراجع الهامة لمعرفة شروط البخاري , ومسلم , وأبي داوود , والترمذي , والنسائي .

23) (( لسان الميزان )) للإمام الحافظ بن حجر العسقلاني , وهو كتاب في الجرح والتعديل , وهو من الكتب المهمة في معرفة أحوال الرجال , وقد قام الشيخ أبو غدة بالاعتناء بهذا الكتاب تحقيقا وتعليقا .

24) (( الجمع والترتيب للأحاديث تاريخ الخطيب )) إي ّ تاريخ بغداد , وقد رتبه الشيخ وبوب أحاديثه على أبواب الفقه , وعلى الأوائل , وعلى أسماء الرواة وضبط أسماءهم مع ذكر تراجمهم باختصار , وهذه الأحاديث معدودة في مصادر السنة , ولها أهميتها .

25) (( توجيه النظر إلى أصول الأثر )) وهو من أفضل ما ألف في علم المصطلح في القرن الرابع عشر وهو للعلامة الشيخ طاهر الجزائري , ويتميز هذا الكتاب بتمحيص المسائل التي وقع فيها الخلاف للعلماء, واضطربت فيها الأنظار , فحررها المؤلف وطال النفس في استيفاء أطرافها , وترجيح الراجح منه ولقد اعتنى الشيخ أبو غدة –رحمه الله – بهذا الكتاب , وخدمه ففصل مقاطعه وجمله وضبط ألفاظه وعباراته , وعلّق عليه , وربط بين نصوصه وإحالاته , وصنع له فهارس عامة ليسهل الرجوع إليه والاستفادة منه , ثم الحق به رسالة ابن الصلاح في وصل البلاغات الأربعة في موطأ الإمام مالك –رحمه الله – .

هذه بعض الكتب التي حققها الشيخ وألفها في السنة وعلومها ومن الاطلاع على هذه الكتب وجدت ان عمل الشيخ في هذه الكتب عملا رائعا عظيما عملا علميا تأصيليا خدم فيه السنة خدمة كبيرة جدا , وهناك أيضا كتبا أخرى في علوم السنة لم أتطرق إليها لان المجال لا يستوعب لعرضها جميعها , استعرضها ذكرا لأسمائها فقط وهي :
1- شروط الأئمة الستة ؛ للحافظ بن طاهر المقدسي , من تحقيق الشيخ .
2- خطبة الحاجة ليست سنة في الكتب و المؤلفات كما قال الشيخ محمد ناصر الألباني ؛ من تحقيق الشيخ أيضا .
3- تخريج أحاديث الأحياء للحافظ العراقي ؛ تحقيق الشيخ .
4- مبادئ علم الحديث وأصوله , للعلامة المحقق شبير احمد العثماني الهندي الباكستاني ؛ تحقيق الشيخ .
5- ابن ماجة وكتابه ، لمحمد عبد الرشيد النعماني .
6- مقدمة التمهيد لابن عبد البر .
7- رسالة في وصل البلاغات الأربعة في الموطأ ؛ لابن الصلاح .
8- التسوية بين حدثنا وأخبارنا ؛ للطحاوي .

* وألف الشيخ كتبا كثيرة ومنوعة منها :
1- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل .
2- العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج .
3- قيمة الزمن عند العلماء .
4- أخطاء الدكتور تقي الدين النبوي في تحقيق كتاب ظفر الأماني .
5) الألفة بين المسلمين .
6) الرسول المعلم وأساليبه في التعليم .
وهذه بعض كتب الشيخ – رحمه الله تعالى – تحقيقا وتأليفا , نسال الله أن يأجره خيرا على ما قدم ..













البحث الثالث : التحقيق والتأليف عند الشيخ :

المطلب الأول:

يعد الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى من العلماء الثقات الذين يفخر بهم العالم الإسلامي في هذا القرن، وقد أحاط بالعلوم الشرعية، وملك زمام اللغة العربية والشعر والتاريخ ، وتبحر في علمي الفقه والحديث، حيث انكب منذ بداية حياته العلمية على تحقيق ونشر الكتب النفيسة في هذين الفنيين وغيرهما.
يقول الشيخ الدكتور عبد الوهاب ابو سليمان عن الحديث وعلومه في دراسات الشيخ يقول: "وهو الظاهرة البارزة الفارقة، إذ قدم للمكتبة الإسلامية في هذا المجال العلمي الشريف مؤلفات أحكم صنعها وكتب في موضوعات أبدعها،وكان صاحب السبق فيها، تمثل مدرسة فكرية متميزة في خصائصها وتوجهاتها،واهتماماتها،وتفرعها، ومضامين قراءتها، وأسلوب مخاطبتها تخاطب العقل مبنية على أصول علمية متينة يكسوها التواضع والأخلاق، هي في الحقيقة مرآة شخصيته ودليل ذهنيته وشفافية روحه مكَّنته أن يمدَّ الساحة العلمية بالأفكار النيِّرة، والفوائد النادرة.
خدم السنة النبوية الشريفة رواية ودراية بإخلاص العالم المتفتح والمحدث الفاقد المدقق خدمة عظيمة في عصر لم يتوان فيه الطاغون على السنة النبوية أن يسددوا سهام شكوكهم نحوها".
نعم لقد كان للشيخ رحمه الله منهجا في التحقيق والتأليف وهذا المنهج منهج فريد مثله،منهج العلماء الكبار الذين حرصوا على العلم النافع و الفائدة والنادرة التي يستفيد منها كل من له صلة بهذا العلم.
وكان منهج الشيخ منهج المتأني الحريص على خدمة الكتاب من حيث الشكل والمضمون، فلم يكن يهدف إلى ربح مادي أو شهرة معنوية، ولذا كان الكتاب يبقى لديه حبيس التأليف والتحقيق سنين طويلة، حتى إذا اطمأن إلى أنه قارب الاكتمال والحد المرضي من الجودة، أرسل به إلى المطبعة وعكف على مراجعة تجاربه المرة تلو المرة.
ولذا رأيت في هذا المبحث أن أقدم كيف كان منهج الشيخ في التحقيق و التأليف، استقراءه من كتبه رحمه الله، ومما قاله هو عن عمله وشغله.

المطالب الثاني :
*منهجه في التحقيق و التأليف:

لقد كان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى غيورا على الكلمة يسعى وراءها بكل جهد ومتانة وجودة فقل ما تجد ما يؤلفه إغلاقا لم يحل، أو غامضا لم يبين أو ضعيفا في سنده أو في قبول معناه لم يعلق عليه.
كان اهتمام الشيخ رحمه الله تعالى بالتحقيق أكثر من التأليف ونلاحظ هذا من خلال كتبه، فان جل كتبه هي كتب محققه لسابقين ، وهذا يرجع لتواضعه رحمه الله، ولأنه يرى كما قال:" إن إتمام بناء الآباء خير مئة مرة من إنشاء البناء من لأبناء، فضلا أنه جزء من الحق الذي لهم علينا والوفاء، فهم الأصل الأصيل، والنور الدليل، والفهم المستقيم، والعلم القويم وما تركوا في آثارهم من بقايا فجوات طفيفة لا يقتضي منا تخطيهم والإعراض عن آثارهم النفسية."
مع العلم أن تحقيق النصوص كثيرا ما يكون أشق من التأليف المستألف الجديد،
" فلم يكن يرى التأليف استقلالا، إلا لأمر مستجد لم يجد فيه للسابقين والا فانه يتجه ويخرجه بدلا من إخراجه من تلقاء نفسه"


وكان حريصا على تشكيل وضبط الكلمات والألفاظ المشكلة في عموم كتبه، فالكتاب إذا احتاج إلى الضبط ولتيسيره في أن يقوم بحسين عرضه ، وإذا كان الكتاب يحتاج إلى تخفيف ثقله ،بأن لا يكون له فواصل متواصل فكان رحمه الله يعمل على تيسير ذلك كما فعل في كتاب "توجية النظر إلى أصول الأثر" حيث قال رحمه الله: "وجعلت عنايتي تتوجه إلى ضبط عباراته وتفصيل جمله ومقاطعه لتيسير فهمه وهضمه، فقد أخرجه المؤلف رحمه الله تعالى أجرد الأشكال فيه ولا ضبط ، ومد في بعض مباحثه مدا طويلا على نسق واحد متواصل، حتى بلغت بعض مقاطعه ثلاث صفحات، وخمس، وسبع، وعشر، وعشرين صفحة.- كما تقدمت الإشارة إليه - دون بدء فيها لمقطع واحد مع صغر حرف الكتاب"
وحرص الشيخ رحمه الله تعالى على الزيادة في كل طبعة فالكتاب دائما بين يديه يزيد فيه، وينقح ويوضح، حتى قيل: أن كل طبعة من كتابه تعد بمثابة كتاب جديد ويبدوا هذا المنهج واضحا في كتابه "قيمة الزمن عند العلماء" حيث يقول في الطبعة الخامسة للكتاب: (وقد أضفت إليه زيادات كثيرة هامة جدا، وعناوين لمقاطعه، وفهرسا للأعلام فيه لم تكن في الطبعة الرابعة وما قبلها راجيا أن يكون بذلك قد تكامل مجموعه واستوفى موضوعه"
ومن منهج الشيخ أيضا انه يعزو الأقوال إلى أصحابها، وبذلك قال :" ومن أجل هذا التزمت غالبا عزو الأقوال والواقع إلى اهلها استنزالا للرحمة بذكرهم كما التزمت غالبا إنشاء الترحم والترضي عليهم، لكريم سيرهم وطيب عطرهم".
ومما كان يعمله أثناء تحقيقه أنه يأتي بالمخطوطة ثم يقابلها بنسخ أخرى مخطوطة، ويستفيد من هذه المقابلة باستكمال بعض الجمل وتصويبها، ويشير في بعض المواطن إلى المخالفات الواقعة بين النسختين في الحواشي.
ويعمل أيضا على عزو الآيات الكريمة إلى سورها وموقعها، ويخرج الأحاديث، ويترجم للمؤلف ترجمة مستوفاة.
وعند تخريجه للأحاديث يذكر نص الحديث بكامله وذلك من أجل إتمام الفائدة، ومن ثم يقوم بعزو الحديث إلى مصدره، ثم يقوم في الغالب بالحكم على الحديث وبيان درجته.
واهتم الشيخ - رحمه الله – أيضا بالفهارس، وذلك في وقت كانت الفهارس التفصيلية نادرة وغير مألوفة في المكتبة الإسلامية، فأصبح منهجه هذا حافزا ومثالا يحتذى به، فأبرز رحمه الله أهمية الفهرسة رافعا سمت الكتب العلمية.

وشرطه في ذلك أن تزيد صفحات الكتاب عن مئة صفحة، فأن تحقق ذلك جعل للكتاب فهارس عامة تربوا على خمسة فهارس وقد تزيد، وذلك ليكون الراجع إليها والباحث عن طلبه فيه سريع الوصول إلى مبتغاه منه بأيسر الطرق وأقصر الوقت.

ويختم الشيخ كتابه بإفراده التعليقات الطويلة في آخره (تتمات) وذلك حتى لا تأخذ من ذهن القارئ وتخرجه عن النص الموضوع، وان كانت هذه التعليقات لا تقل أهمية عن ما في الكتاب.
هذه بعض الوقفات مع منهج الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله في التأليف والتحقيق، وان كنت لم اطلع على كل ماكتب الشيخ لاستكمل منهجه ، فان شاء الله في دراسة أخرى لي أو لغيري تكون الدراسة أوسع وأعمق وتعطي الشيخ حقه أفضل من ذلك .






الخاتمة

وفي ختام هذا البحث ، وبعد التطواف مع عالم جليل أجاد وأفاد وخدم السنة النبوية خدمة عظيمة في هذا العصر ، وبعد أن تعرفنا على هذه الجهود الكبيرة ، وعلى تراث الشيخ أبي غدة - رحمه الله – في السنة النبوية وغيرها من العلوم وان الشيخ - رحمه الله – من محاسن هذا العصر ونوادره علما وأخلاقا وتحقيقا وفضلا وصلاحا .
وان ما قيل عن الشيخ من الاتهامات والتحامل لا يزيده الاعلما وأدبا وأخلاقا وهذا ما كان منه - رحمه الله تعالى - .
وبعد هذا فان علم الشيخ - رحمه الله – قد هُضم حقه في الدراسة والتحقيق ، فهذه توصية لأهل العلم والتخصص بأن يفردوا الشيخ وعلمه بالدراسة المتأنية والتحقيق الدقيق فالشيخ مدرسة في هذا العلم .
فمن خلال الاطلاع والبحث في هذه الدراسة التي بين أيديكم وجدت أن ماكتب عن علم الشيخ قليل جدا لا يذكر إذا ما قورن بهذا التراث الكبير الذي خلفه الشيخ.

وأخيرا اسأل الله عز وجل أن يأجر الشيخ ويجزيه خير الجزاء على ما قدم من خدمة جليلة عظيمة للإسلام والمسلمين وان يتغمده بواسع رحمته إنه على كل شي قدير .

ثبت المراجع

- الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة لعبد الحي اللكنوي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،ط2 ، 1984 ،مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- الإسناد من الدين لعبد الفتاح أبي غدة ،ط 1 ، 1412هـ ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب
- الرفع والتكميل في الجرح والتعديل لعبد الحي اللكنوي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،مكتبة ابن تيمية .
- السنة النبوية وبيان مدلولها الشرعي لعبد الفتاح أبي غدة ، ط1 ، 192م ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب ،
- المتكلمون في الرجال للحافظ السخاوي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،ط4 ، 1990م ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف لأبن قيم الجوزية ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،ط1 ، 1970 ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- الموقظة في علم مصطلح الحديث للحافظ الذهبي ، تحقيق عبد الفتاح ابو غدة ,ط 2 ،1412 هـ ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح ثبت للشيخ عبد الفتاح أبي غدة ، تخريج محمد آل رشيد ,ط1 ,199م ,مكتبة الإمام الشافعي بالرياض .
- تحقيق اسمي الصحيحين ، واسم الجامع الترمذي لعبد الفتاح أبي غدة , ط 1 ، 1993م ،مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- توجيه النظر إلى أصول الأثر لطاهر الجزائري ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، ط 1 ، 1995 م ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- حاشية السندي على النسائي لأبي الحسن السندي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،ط2 ,1986 ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- خلاصة تذهيب تهذيب الكمال لأحمد الخزرجي ، تقديم عبد الفتاح أبو غدة ، ط5 1416 هـ ، مكتب المطبوعات الإسلامية .
- ذكرمن يعتمد قوله في الجرح والتعديل للحافظ الذهبي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة , ط 4 ، 1994 م ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- رسالة المسترشدين للحارث المحاسبي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، ط 2 , مكتب المطبوعات الاسلامية بحلب .
- شرح العقيدة الطحاوية لابن اعز الحنفي تحقيق جماعة من العلماء , تقديم الألباني ، ط 9 ,1988 م ، المكتب الإسلامي .
- قاعدة في الجرح والتعديل وقاعدة في المؤرخين لتاج الدين السبكي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ،ط 5 ، 1990 ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- قواعد في علوم الحديث لظفر احمد التهانوي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، ط 5 ، 1404 هـ ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- قيمة الزمن عند العلماء لعبد الفتاح أبي غدة ، ط 10 ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .
- لسان الميزان لأبن حجر العسقلاني ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، ط 1 ، 2002 م ، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب .




هناك تعليقان (2):